يمرّ الطفل بالكثير من التجارب بعضها قد يكون سعيدًا، وبعضها قد يترك أثرًا سلبيًا عنده، مثل التعرّض للإساءة الجنسية. وبالتأكيد هذه التجربة لا تؤثر على الطفل وحده بل علينا كأهل وهذا طبيعي. ورغم صعوبة الموقف، علينا كبالغين أن نتدارك الوضع بأسرع وقت حتى نحمي الطفل، ونسارع إلى تقديم المساعدة. نشارككم الخطوات التالية التي قد تكون مفيدة في هذه الحالة:
أوّلًا: ما الذي نتجنّب القيام به؟
- تجاهل أي نوع من الإساءة التي قد يخبرنا عنها الطفل.
أبدًا لا نستخفّ أو نهمل الإساءة إذا ما شعرنا أنّها بسيطة، أو أنّها لن تؤثر على الطفل. نتذكر أنّ النظرة المريبة أو الكلمة غير المريحة هي أيضًا نوع من أنواع الإساءة. ولا يجب أن ننتظر حتى يتعرض إلى إساءة جسدية.
- الصراخ، وإظهار الغضب أو الهلع.
قد نشعر بالغضب أو الهلع أو نرغب في الصراخ، ولكن من المهم أن نحاول التحكّم بأنفسنا حتى لا نسبّب هلعًا إضافيًا للطفل.
- لوم الطفل، أو التلميح بأنّه مذنب، أو يقع عليه أي نوع من الخطأ.
الطفل في هذه المرحلة حساس جدًا، وقد تنتابه مشاعر ثقيلة، وأحدها قد يكون الذنب. علينا ألّا نكون شركاء في تعزيز هذه المشاعر، بل أن نؤكّد له أنّ لا ذنب أو دور له في ما حدث. هذه التطمين يحتاج إليه الطفل بشدّة.
- الضغط على الطفل، وطرح أسئلة مكثفة عليه وكأنّه يخضع للتحقيق.
سيتكلّم الطفل عندما يهدأ، وهذا يحتاج إلى وقت وجو آمن وهادئ، والتأكيدات الايجابية بأنّنا ندعمه ونحبّه. ولا يمكن للطفل الكلام تحت الضغط أو التخويف.
ثانيًا: كيف نتعامل مع الطفل على الفور؟
1. نحاول الحفاظ على هدوئنا. نعرف أنّ الموقف صعب لكن الطفل يحتاجنا ويحتاج دعمنا.
2. نؤكّد على حبّنا ومساندتنا له، ونعبّر عن فخرنا به لأنّه أخبرنا بما حصل.
نقول له مثلًا:
"أنا فخورة بك لأنك أخبرتني".
"ما حدث ليس خطأك أبدًا".
"أنا هنا لحمايتك".
ثالثًا: ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها؟
-
نتأكّد من سلامة الطفل الجسدية
في حال اشتكى الطفل من أي ألم أو لمّح لأي اعتداء جسدي، أو شككنا في إمكانية تعرّضه لاعتداء جسدي، نتوجّه فورًا إلى طبيبه الذي قد يحوّلنا إلى طبيب شرعي للتأكّد ممّا حدث.
2. نبعد الطفل عن مصدر الأذى/الإساءة فورًا
سواء كان المعتدي طفلًا أو بالغًا، قريبًا أو غريبًا، يجب إبعاد الطفل عنه. ويجب التأكيد للطفل على أنّه أصبح بعيدًا عن المعتدي، فهذا سيشعره بالحماية والأمان أكثر.
3. نبلغ الجهات المختصّة
التبليغ مهم لحماية الطفل وحماية الأطفال الآخرين. قد تكون الجهة هي الشرطة، جمعية تعنى بقضايا العنف والطفل. وفي حال تيسّر استشارة محام فهذا خيار مهمّ، لأنّ القانون يحمينا ويحمي طفلنا ويعاقب المعتدي. يمكننا اللجوء إلى أحد المقرّبين منّا لاستشارته والتفكير معًا في الحل الأمثل قبل التبليغ، في حال شعرنا بحاجتنا للدعم.
رابعًا: الدعم النفسي والعاطفي
1. المتابعة النفسية ضرورية:
حتى لو بدا أنّ الطفل بخير، فإنّ المشاعر المكبوتة تظهر لاحقًا. جلسات العلاج النفسي تساعده على:
- استعادة ثقته في نفسه
- التعامل مع مشاعر الذنب أو الخوف
- بناء علاقة صحّية مع جسده
- بناء علاقة صحّية مع الآخرين
- وضع حدود في علاقاته مع الآخرين
2. الأهل هم الداعم الأوّل والأساسي للطفل
نؤكّد للطفل بأنّنا نمرّ بهذه التجربة الصعبة معًا. فصحيح أنّ الأذى قد طاله بشكل مباشر، ولكننا نتألّم أيضًا ونعرف مدى صعوبة الوضع. ونؤكّد له أنّنا سنجتاز هذه التجربة سويًا. نذكّر الطفل أنّنا نجونا من أمر صعب وأنّه يمكننا مع الوقت أن نترك هذه التجربة وراءنا وأن نتعامل مع نتائجها. أبدًا لا نعزّز لدى الطفل دور الضحية لديه.
قد نقول له مثلًا "نحن نمرّ بتجربة صعبة، لكنّنا سنتجاوزها معًا"، أو "هذه التجربة لا تختصر جميع التجارب التي مررنا أو قد نمرّ بها".
أخيرًا، من المهم أن نخبر الطفل أنّنا قد نصادف أشخاصًا مؤذيين ولكن هذا لا يعني أنّ العالم مكان شرير. علينا أخذ الحذر وتشجيعه على إخبارنا بأي شيء قد يحدث معه، والتأكيد على أنّنا نسانده في كل الظروف.