Instagram Facebook YouTube

الأطفال الانتقائيّون في الطعام: الأسباب، والتأثيرات الصحّية طويلة المدى.

.الجزء الأول

يُطلق مصطلح "الأطفال الانتقائيون في الطعام" أو Picky Eaters على الأطفال الذين يرفضون بشكل متكرّر أصنافًا معيّنة من الأطعمة، أو يفضّلون أنواعًا محدودة جدًا، ما يجعل وجباتهم اليومية غير متوازنة. غالبًا ما تبدأ هذه المرحلة ما بين عمر السنة والنصف إلى ثلاث سنوات وقد تمتد الى السنوات الاخرى، وهي فترة طبيعية في النموّ حيث يكتشف الطفل استقلاليّته ويعبّر عن ذاته من خلال اختياراته الغذائية.

لكن هناك ممارسات يقوم بها الأهل أو مقدّمو الرعاية قد تزيد من حدّة الانتقائية وتجعلها عادة راسخة، مثل:

  • الإجبار أو الضغط على الطفل لتناول الطعام ممّا يجعله أكثر عنادًا.
  • الاستسلام لرغباته كلّيًا وتقديم الطعام الذي يطلبه فقط.
  • استخدام الحلوى كمكافأة، ما يعزّز ارتباط الطفل بالخيارات غير الصحّية.
  • غياب الروتين العائلي للوجبات، حيث يأكل الطفل وحده أو أمام الشاشة.

هذه السلوكيات قد تمنح الطفل مساحة لفرض سيطرته على المائدة، فيتعلّم أنّ رفضه المتكرّر يؤدّي إلى تراجع الأهل وقبولهم بإلغاء أصناف غذائية أساسية من نظامه. وهنا يظهر ذكاء الطفل، إذ يدرك سريعًا أنّ عناده يجعله "الفائز" في هذا الصراع، ما يزيد من قوّة هذه العادة ويجعل الأهل خاضعين لرغباته الغذائية الضيّقة.

على المدى البعيد، قد يؤدّي هذا النمط إلى آثار صحّية مقلقة:

  • نقص في الفيتامينات والمعادن مثل الحديد، الكالسيوم، وفيتامين  D، ممّا يزيد خطر فقر الدم وضعف العظام.
  • تأخّر في النموّ الجسدي والمعرفي نتيجة غياب التنوّع الغذائي.
  • ضعف المناعة بسبب قلّة استهلاك الفواكه والخضار.
  • ترسيخ عادات غذائية سلبية قد تستمرّ حتى مرحلة المراهقة والبلوغ.

لذلك، ترى "أرجوحة" أنّه من المهمّ أن يدرك الأهل ومقدّمو الرعاية أنّ الانتقائية هي سلوك يحتاج إلى تدخّل واعٍ. الحلّ ليس في إجبار الطفل ولا في الاستسلام له، بل عبر استراتيجيّات متوازنة سنذكرها في المقال المقبل. إنّ التعامل الواعي مع هذه المرحلة يحمي الطفل من المشكلات الصحّية ويمنع سيطرته على مائدة الطعام بعناد قد يبدو ذكاءً، لكنه في الحقيقة يقيّد خياراته الغذائية ويؤثر على صحّته ونموّه.

 

الكاتب
.سوسن سامرائي أخصائيّة تغذية

هل كان المقال مفيدًا

كلا

وسط

نعم