أكّدت دراسات صدرت في الآونة الأخيرة أنّ الرجوع إلى الطبيعة خلال الولادة هو الخيار الأمثل للمرأة الحامل طمعًا بمضاعفات أقل. وأظهرت أنّ تجربة الولادة الطبيعية من دون تدخّلات طبّية كثيرة، تترك أثرًا واضحًا على صحّة الأم في مرحلة ما بعد الولادة، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية وكذلك على صحّة الطفل.
بداية، ما هي الولادة الطبيعية من دون التدخّلات الطبية؟
هي خروج الجنين من رحم الأم عبر المهبل، بالاعتماد على انقباضات الرحم الطبيعية ومن دون استخدام محفّزات أو مسكّنات قويّة أو أدوات جراحية (مثل الملقط أو الشفّاط).
تقوم الفكرة الأساسية على أنْ تثق المرأة الحامل في قدرة جسدها على الولادة بآليّاته الفيزيولوجية الذاتية الطبيعية، من دون الاعتماد على أيّ تدخّل خارجي قد يُطيل فترة التعافي الجسدية والنفسية.
كذلك بعد ولادة الطفل، تسير الهرمونات بشكل تلقائي حيث يعمل هرمون الأوكسيتوسين على انقباضات منتظمة للرحم بهدف تقليل النزيف وعودة الرحم إلى مكانه الطبيعي. وفي المقابل تبدأ الرضاعة الطبيعية مباشرة بدون تأخير وهي بدورها تدعم عمل هرمون الأكسيتوسن وتدعم صحّة الطفل ومناعته من اللحظات الأولى بعد الولادة.
بالإضافة إلى ذلك، تقلّل الولادة الطبيعية من دون تدخّلات طبية من احتمال حدوث مضاعفات مرتبطة بالإجراءات الطبّية. فتخفّض نسبة العدوى الناتجة عن استعمال الأدوات الجراحية في شق العجان مثلًا، ومشاكل التئام الجروح مثل التورّم أو الالتهاب، كما تقلّل احتمال حدوث نزيف ما بعد الولادة. وتحدّ الولادة الطبيعية من المخاطر المرتبطة بالتخدير أو المسكّنات القويّة، مثل تفاعلات تحسّسية أو آثار جانبية على ضغط الدم والتنفّس وتقلّل من فرصة اللجوء للقيصرية.
من الناحية النفسية:
فإنّ تجربة الولادة الطبيعية الفيزيولوجية تمنح الأمهات شعورًا بالتمكّن والثقة في النفس، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على تقبّل التغيّرات الجسدية والعاطفية في مرحلة النفاس. ويقلّل غياب التدخّلات الطبية الكثيرة أيضًا من احتمال الانفصال المبكر بين الأم وطفلها، ممّا يعزّز من فرص الرضاعة الطبيعية المبكرة التي تقوّي الرابط العاطفي بين الأم والطفل وتنعكس إيجابًا على نفسيّة الأم.
من ناحية أخرى، تساهم في تقصير مدّة المكوث في المستشفى، ممّا يتيح للأم العودة إلى أسرتها بسرعة أكبر ويخفف من شعورها بالقلق والتوتر، ويعزز شعورها بالراحة والاستقرار النفسي بعد الولادة.
بالرغم من ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الولادة من دون تدخّلات طبّية ليست الخيار الأمثل لجميع الأمّهات. فبعض النساء الحوامل يحتجن إلى تدخّل طبّي للحفاظ على سلامتهنّ وسلامة الجنين. لكن بشكل عام، عندما تسير الولادة بصورة فيزيولوجية، فإنّها تترك آثارًا إيجابية واضحة على فترة التعافي ما بعد الولادة، وعلى صحّة الأم والطفل معًا.