مع بداية العام الدراسي، يعيش كثير من الأطفال حالة من القلق الطبيعي: دموع في صباح اليوم الأول، خوف من الانفصال عن الأهل، أو توتر من البيئة الجديدة. هذه المشاعر مألوفة، بل ومتوقعة. لكن أحيانًا يتجاوز القلق حدّه الطبيعي، فيتحوّل إلى عبء يثقل الطفل ويمنعه من التكيّف مع مدرسته وحياته اليومية. هنا يطرح الأهل سؤالًا مهمًا: متى يكون القلق عابرًا وطبيعيًا، ومتى يصبح إشارة تستدعي التدخل؟
متى يتحوّل القلق إلى حالة تحتاج تدخلًا؟
- إذا استمرّت الأعراض لفترة طويلة (3 أشهر) من دون تحسّن رغم المحاولات.
- إذا تكرّر رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو إلى أنشطته الاجتماعية.
- إذا ظهرت أعراض جسدية متكرّرة مثل مشاكل في النوم، فقدان الشهية، آلام بدنية غير مفسّرة.
- إذا صار التأثير كبيرًا على الحالة النفسية والعائلية، وأصبح القلق يُعيق التطوّر الطبيعي والتعلّم.
كيف يساعِد الأهل الطفل؟
- التهيئة النفسية قبل بدء المدرسة.
نتحدّث مع الطفل حول ما سيحدث، نزور المدرسة مسبقًا إنْ أمكن، نتعرّف معه على المعلّمات، والرفاق، ونجدول اليوم حتى يتصوَّر كيف ستسير الأشياء.
- استخدام روتين ثابت
روتين الصباح والمساء يمنح الأمان، مثلًا وقت الاستيقاظ نفسه، التحضير، الوجبة، طريق المدرسة، وقت العودة. النظام يجعل الطفل يعرف ما يتوقَّعه ممّا يخفّف القلق لديه.
- انفصال تدريجي
نتركه لفترات قصيرة أوّلًا (مثلًا دقائق أو نصف ساعة) مع أحد موثوق به. رويدًا رويدًا يمكن زيادة الفترة حتى يعتاد.
- التعبير عن المشاعر
نشجّعه أن يتكلّم عن خوفه أو ما يقلقه؛ نستمع إليه بصبر، ونتمرِّن معه على عبارات مثل "أعلم أنّك تقلق، هذا شيء طبيعي، المدرسة فرصة للتعلّم واللعب، وأنا سأعود بعد المدرسة".
- تشجيع الاستقلالية
نجعل له مهام بسيطة يمكنه إنجازها وحده (ارتداء الملابس، تحضير حقيبته)، حتى يشعر بالقدرة.
- دعم من المدرسة
نتواصل مع المعلّمات أو المدرسة، نخبرهنّ بمخاوف الطفل، ونطلب مساعدتهنّ في تسهيل بدء العام الدراسي (قد يكون في المدرسة برامج استقبال أو دعم).
- اللجوء إلى المختصّ إذا لزم الأمر
إن لم تتحسّن الحالة، ولاحظنا الأعراض تشتدّ، فاستشارة اختصاصي نفسي للأطفال يمكن أن تكون مفيدة.
القلق من الانفصال جزء طبيعي من مراحل نموّ الطفل، لكنه يصبح مشكلة فقط إذا طال أو اشتدّ بشكل يمنع الطفل من الاستمتاع بالمدرسة أو المشاركة في الحياة اليومية. بدعم من الأهل والتدرّج في الانفصال والاستماع للطفل، يمكن لهذه المرحلة أن تنقضي على خير، ويستطيع الطفل أن يبدأ عامه الدراسي بثقة وأمان.