عزيزتي، إنّ الرّضاعة الطّبيعيّة مهارةٌ فُطريّةٌ لديكِ ولدى طفلكِ، لكن أيضًا يُمكنكِ تطويرها بالخبرة، فأعْطي نفسكِ فرصة إتقان التّجربة والوقت الكافي لطفلكِ حتّى يُصبح أقوى.
نتحدَّث دائمًا عن جمال بداية الأُمومة، لكن ما لا نأتي على ذِكره غالبًا هو صعوبة الرّضاعة الطّبيعيّة لدى جزء لا بأس به من الأمّهات.
ثمّ إنّكِ، مهما استعدَّيتِ للأمر، سوف تجدين أنّ التّطبيق مختلفٌ والتّمرين مُهمٌّ جدًّا.
في الحقيقة، سوف تواجهين تحدِّياتٍ عديدةً لا يعود سببها إلى الرّضاعة وحدها فحسب، بل إلى فعل الأُمومة الكلّيّ: عندما تجدين طفلكِ بين ذراعَيْكِ، هذا يعني أنّه صار يعتمد عليكِ بشكلٍ أساسيٍّ. ويختلف الأمر عن الحمل، حين كان جسمكِ يؤمِّن بنفسه احتياجاتِ الجنين كافّةً.
هكذا، فإنّ الاهتمام بمولودكِ يتطلَّب جهدًا خاصًّا، وربّما تغمركِ مشاعر الضّياع أحيانًا. لكن لا تيأسي، لأنكِ ستُتقنين سريعًا فنّ التّعامل مع التّفاصيل المستجدّة. وسترَيْن أنّ ما استحوذ مطوّلًا على تفكيركِ منذ أيّامٍ قريبةٍ، أصبح الآن روتينًا سهلًا.
ولقد بحثت لكِ "أرجوحة" عن المعلومات الأكثر أهمّيّة لتُجيبكِ بدقّةٍ عن التّساؤلات الأكثر شيوعًا حول الموضوع.
كلّ طفلٍ فريدٍ:
حتّى لو لديكِ تجربةٌ سابقةٌ مع الرّضاعة، إنّ تجربتكِ الآتية ستكون مختلفةً.
صحيح أنّ طفلكِ يبحث فُطريًّا عن الثّدي، لكنّه يحتاج إلى وقته ليتعلَّم كيفيّة الالتقام الصّحيح والشّفط الفعّال. ولا تنسي أنّه تَعِبًا من الولادة مثلكِ، وأنّ العمليّة الجديدة تتطلَّب منه مجهودًا جسديًّا مثلكِ، وأنّكِ بدوركِ تتعرّفين إلى الوضعيّات المناسِبة وكيفيّة الاستجابة لعلامات جوعه.
ونلفت أنّ كلّ طفلٍ يتقدّم وِفْقَ وتيرته الخاصّة، لكنّ الأطفال جميعهم قادرون على الوصول إلى الهدف!
اللّبأ (أو الصّمغ) غذاءٌ كافٍ وكثير المنافع بالنّسبة للرّضيع:
يبدأ جسمكِ بإنتاج اللّبأ في خلال الأيّام الأولى، وهو الحليب اللّزج والكثيف، الغنيّ بعناصر المناعة والفوائد الصّحّيّة المختلفة بالنّسبة للرّضيع.
وعلى الرّغم من أنّ اللّبأ يخرج بكمّيّاتٍ صغيرةٍ من الثّدي، لكنّه مثاليٌّ لتلبية حاجات طفلكِ، علمًا أنّ سعة معدته تبلغ من 5 إلى 7 مل فقط.
على الرّغم من هذا، اِطمئنّي، لأنّ كمّيّة الحليب تزيد تدريجيًّا مع الرّضاعة المتكرِّرة، من أجل أن تناسبَ متطلِّباتِ طفلكِ الّذي يكبر يومًا بعد يومٍ.
ثمّ في خلال مرحلة التّدفُّق (بين اليوم 3 و5 بعد الولادة)، ترقَّبي تغيُّر في كثافة حليبكِ الّذي يُصبح سائلًا أكثر ومائلًا إلى اللّون الأبيض.
ونلفت هنا أنّه من الطّبيعيّ أن يرضعَ طفلكِ بشكلٍّ متكرِّرٍ، كما أنّ الرّضاعة الحصريّة وعند الطّلب تضمَن نزول الحليب على الموعد، من الثّدي.
تخفِّف الرّضاعة من امتلاء ثّدي الأمّ وتحجيره:
تتزامن مرحلة تدفُّق الحليب مع تحجير الثّدي الّذي يُصبح ممتلئًا، قاسٍ وحارّ الملمس حتّى درجة الانزعاج أحيانًا.
لا تقلقي، فالأمر طبيعيٌّ في الأسابيع الأولى، ريثما يتأقلم جسمكِ مع إنتاج الحليب بالكمّيّة المناسِبة. وعندما تعانين من انزعاجٍ حادٍّ، اِلجَئي إلى الرّضاعة المتكرِّرة وعند الطّلب، لأنّها تحول دون التّفاقم إلى التّحجير المَرَضيّ أو الْتهاب الثّدي.
أمّا إذا لم تكُنِ الرّضاعة واردةً (مثل: في حال شبع الطّفل)، أفرِغي ثديكِ قليلًا عن طريق استخراج الحليب بيدَيْكِ أو الشّفط إلى أن يختفِيَ الألم، لأنّ هدفكِ هو الوصول إلى الرّاحة وليس إفراغ الثّدي كلّيًّا.
أيضًا، في هذه الفترة، قد يتسبَّب امتلاء ثديكِ بتسرُّب الحليب إلى ثيابكِ، خارج أوقات الرّضاعة. وتستطيعين التّعامل مع هذه المشكلة عبر وضع منشفةٍ صغيرةٍ أو وسائد الرّضاعة داخل حمّالة الصّدر. كما نلفت أنّه مع مرور الوقت وتأقلُم الجسم، تلاحظ العديد من الأمّهات أنّ هذا التّسرُّب يخفّ.
تواجِه بعض المُرضِعات حساسيّة الحلمتَيْن:
إنّ انخفاض مستوى الهرمونات التّدرجيّ لديكِ، مباشرةً بعد الولادة، يؤدّي إلى أن تُصبحَ الحلمتان أكثر حساسيّةً بشكلٍ عامٍّ، وقد تزعجكِ الملابس.
وتكون الحال طبيعيّةً في خِضمّ الأيّام إلى الأسابيع الأولى، عندما تشعرين بألمٍ بسيطٍ يقتصِر على بداية عمليّة الشّفط ويدوم ما يعادل الـ 30 ثانيةً ثمّ يختفي.
أمّا عندما يطول الوجع أو ترين تشقُّقًا في الحلمات، فهذا يعني أنّكِ في حاجةٍ إلى استشارة اختصاصيّة رضاعةٍ من أجل تقويم المشكلة الّتي خرجت عن حدود الطّبيعة.
تمرّ بعض المُرضِعات بكآبةٍ طبيعيّةٍ:
أيضًا نتيجةً لانخفاض مستوى الهرمونات لديكِ عند الولادة، قد تمرّين بحالٍ نفسيّةٍ حزينةٍ.
إلّا أنّ هذه المشاعر تدوم من بضعة أيّامٍ إلى أُسبوعين على الأكثر.
وقد تساعدكِ الرّضاعة على اجتيازها بصعوبةٍ أقلّ، لأنّ العمليّة بحدّ ذاتها تعزِّز فَرْز هرمون الحبّ الّذي يمنحكِ السّعادة.
أخيرًا، تأمَل "أرجوحة" أن تكونَ قد ساعدتكِ قليلًا حتّى ترسمي تجربتكِ كما تطمحين، في خلال هذه المرحلة المليئةٌ بالتّغيُّرات الجسديّة وعلى مستوى المشاعر.
ونذكِّركِ دائمًا بأهمّيّة التّواصل مع اختصاصيّة رضاعةٍ، في حال:
- احتجتِ إلى مساعدةٍ في عمليّة الالتقام.
- عدم تدفُّق حليبكِ بين اليوم 3 و5.
- عدم الإحساس بامتلاء الثّدي في الأُسبوع الأوّل.