من الأفكار الشّائعة المنتشرة بين النّاس هي أنّ مَهمّة التّربية تقع على عاتق الأمّ فقط، أمّا الأب فدَوْره مقتصرٌ على تأمين الاحتياجات المادّيّة. ولكن في الحقيقة، عمليّة التّربية مشترَكةٌ وتحصل بالتّعاون بين الأب والأمّ من دون أن يكونَ لأحدهما أولويّةٌ على الآخر.
لذلك، فإنّ دَوْر الأب أساسيٌّ في التّربية كما الأمّ. ويُمكن أن نبيّنَ أهمّيّة هذا الدَّوْر من خلال الأفكار التّالية:
- الأب قدوة الطّفل
قد نعتقد أنّ السّاعات القليلة الّذي يقضيها الأب مع طفله قد لا تؤثّر في سلوكيّات الطّفل. ولكن، على العكس فالطّفل يقلّد ويكتسب ما يراه بسرعةٍ كبيرةٍ. لذلك، فلْنتذكّر أن يكونَ هذا الوقت إيجابيًّا وممتعًا. فالطّفل في سنواته الأولى يعكس ما يراه وما يتعلّمه منّا!
- الحماية والأمان
حضور الأب الفعّال ضمن عائلته يُعطي شعورًا بالأمان للأمّ والطّفل على حدٍّ سَواء.
- تعزيز ثقة الطّفل بنفسه
يحتاج الطّفل إلى سماع المديح من الأب لبناء ثقته بنفسه، فالأهل هُمُ المرآة الّتي من خلالها يرى الطّفل شخصيّته ومكانته. على الرّغم من أنّه في مجتمعنا قد تنطبع في مخيّلتنا صورة الأب الصّارم أوِ القاسي، ولكنّ الحقيقة أنّ الأب من المهمّ أن يُظهِرَ عاطفته ودعمه الإيجابيّ للطّفل.
- تقديم أنواع الدّعم كلّها إلى الأمّ
كلّما أظهر الأب حبّه ودعمه لزوجته كلّما انعكس ذلك إيجابًا على الطّفل. فالزّوجة السّعيدة هي أمٌّ سعيدةٌ.
- الاعتناء بصحّة الطّفل
هذا الدَّوْر ليس مرتبطًا بالأمّ فقط، فالأب شريكٌ في العناية أيضًا: إطعامه، وتفقُّده ليلًا، ومرافقته إلى الطّبيب، والحرص على نظافته... حتّى الملامسة الجلديّة ليست محصورةً بالأمّ فقط، بل لهذه اللّحظات الحميمة مع الطّفل أهمّيّةٌ كبرى للرّضيع والأب على حدٍّ سَواء.
- اللّعب مع الطّفل وممارسة الأنشطة
قضاء الأب وقتًا مميّزًا مع الطّفل يجعله يشعر بالحبّ والقيمة ويقوّي الرّوابط العاطفيّة بينهما. كما أنّ تعليم الأب بعض المهارات للطّفل يُغني تجربته. ولا ننسى أنّ لهذه اللّحظات قيمةً كبيرةً لدى الطّفل لتبقى معه فيما بعد.
- إظهار الحبّ للطّفل
الحبّ هو المناعة النّفسيّة الّتي يُمكن أن يكتسبَها الطّفل، وهو أهمّ ما يُمكن أن نمنحَه له، وبخاصّةٍ إن كان حبًّا غير مشروطٍ، إيجابيًّا وسعيدًا. فالحبّ والدّعم هما مشاعر يواجِه بها الطّفل لاحقًا كلّ شعورٍ أو تفكيرٍ سلبيٍّ ومقلِقٍ.
إذا شبّهنا الأُسرة بالمنزل القائم على أعمدةٍ عدّةٍ، يُمكن القول إنّ الأب ركنٌ أساسيٌّ لقيام هذا المنزل، تمامًا كما هو الحال بالنّسبة إلى الأمّ. فكلّ أُسرةٍ متينةٍ وسعيدةٍ في حاجةٍ إلى الجهود المشترَكة الّتي يقدّمها كلٌّ من الأمّ والأب. وبالوالديّة الإيجابيّة يكون السّقف الماكن الّذي يحتضن الطّفل ويحميه.