Instagram Facebook YouTube

 هل أجعل طفلي يشارك في المآتم؟

مشاركة الطفل في المآتم موضوع حساس ويتطلّب تفكيرًا دقيقًا، حيث تتداخل المشاعر العائلية والآراء مع فهم الطفل لمفهوم الموت، ومدى استيعابه له. قرار إشراك الطفل يجب أن يكون مبنيًّا على احترام احتياجاته النفسية وقدرته على التعامل مع هذه التجربة، بهدف دعمه وليس تحميله أكثر ممّا يستطيع تحمّله. عند اتخاذ قرار مشاركة الطفل في مثل هذه المناسبات، يجب أن نهتمّ بما يصبّ في مصلحته.

 

1. مراعاة عمر الطفل ومستوى نضجه:  

الأطفال الصغار قد لا يفهمون معنى الموت بشكل واضح، وقد يشعرون بالخوف أو الحيرة، أمّا الأكبر سنًا فيكونون أكثر قدرة على فهم الأحداث والتعبير عن مشاعرهم.  

   - مثال: طفل في عمر الرابعة قد يشعر بالخوف ولا يفهم لماذا يبكي الكبار، بينما طفل في العاشرة يمكنه فهم أنّ الموت يعني أنّ الرّاحل لن يعود. 

لذلك فإنّ اصطحاب الطفل في عمر صغير إلى المآتم، قد يسبّب له حيرة إضافية وقد يزيد الوضع سوءًا. يسهل علينا الموضوع في حال اختبر الطفل فكرة الموت سابقًا مع حيوان أليف، كونه عايش مثالًا فيه مشاعر الفقد والاشتياق وتعرّف على مفهوم الغياب.

 

2. نشرح ما سيحدث بشكل مبسّط وواضح، ونوضح قيمة المأتم وأهمّيته:  

  • في حال ارتأينا أنّ اصطحاب الطفل سيكون مناسبًا، نتحدّث معه قبل المأتم ونشرح له ماذا يعني ولماذا يجتمع الناس. من المهم أن نخبره عن الأجواء المتوقّعة (حزن، بكاء، صمت) ليكون مستعدًا نفسيًا. تختلف هذه المراسم بحسب ثقافة كلّ أسرة، لذلك من الطبيعي أن تختلف بعض التفاصيل، إلّا أنّ الفكرة الأهم هي موضوع الغياب، وكيفية التعامل معه.
  • نشرح للطفل أنّ المأتم فرصة لتوديع الشخص العزيز، والتعبير عن الحب والاحترام. مثال: "المأتم هو وقت نجتمع فيه لنقول وداعًا ونفكّر في الأشياء الجميلة التي فعلها الشخص المتوفّي".

 

3. نتجنّب إكراه الطفل على الحضور:  

 قد يصارحنا الطفل بعدم رغبته في الحضور، لذلك من المهم أن نشرح له طبيعة هذه المشاركة ونعطيه الخيار: المشاركة أو البقاء في مكان آمن مع شخص يثق فيه. (حتى لو كان عمره يسمح بالمشاركة، من المهم أن نحترم رغبته لأن ذلك يعزّز شعوره بالمشاركة والأمان).  

    مثال: "إذا شعرت بأنّ المكان مزعج لك، يمكنك البقاء مع جدتك في البيت".

 

4. التحضير العاطفي والدعم:  

من المهم أن نتحدّث مع الطفل عن مشاعره قبل المأتم وأثناءه وبعده، وأن نؤكّد له أنّ الحزن شعور طبيعي، وأنّ التعبير عنه مسموح ومهمّ.  

   - مثال: قبل المأتم، تحدّث معه عن مشاعره: "كيف تشعر؟ هل تريد أن تخبرني بما يخيفك؟"

 

5. التواجد المستمرّ معه خلال المأتم:  

   - نبقى قرب الطفل لتقديم الدعم والطمأنينة، ونراقب علامات الانزعاج أو التعب. نعرض عليه إذا كان يحتاج للخروج من المأتم لفترة.  

 

7. مساعدة الطفل على تكوين صلة رمزية مع المتوفّي من خلال عناصر مادية:

بالنسبة إلى الأطفال (بخاصّة الصغار منهم)، يعتبر الموت مفهومًا تجريديًا غير قابل للاستيعاب. لذلك من المفيد إيجاد صلة رمزية من خلال عنصر ماديّ هو الضريح. يمكن تشجيع الطفل على ممارسة طقوس تبعًا للطقوس الروحية والاجتماعية المتّبعة في الأسرة، مع وضع زهور على الضريح. كما يمكن للأهل تشجيع الطفل على زراعة نبتة أو شجرة (كائن حيّ) والاعتناء بها لتكبر وتتحوّل إلى صلة رمزية مع المتوفّي.

 

8. إظهار الانفعالات مثل الحزن أو البكاء أمام الطفل

من الضروري أن يشاهد الطفل أهله وهم يعبّرون عن انفعالاتهم وحزنهم على المتوفّي، طبعًا مع الحرص على عدم المبالغة في هذا التعبير، وذلك كي يدرك أنّ البكاء أو الحزن هو تعبير طبيعي عن المشاعر بغضّ النظر عن عمر الشخص أو جنسه.

 

مشاركة الطفل في المآتم قد تكون تجربة مفيدة إذا تمّت بطريقة تراعي احتياجاته وقدراته النفسية. الأهم هو توفير الدعم العاطفي والطمأنينة، وترك حرّية الاختيار له، حتى يشعر بالأمان ويستطيع التعامل مع مشاعر الحزن بطريقة صحّية. بهذا الشكل، نساعده على فهم مفهوم الفقد والحياة بشكل متوازن وهادئ.

 

الكاتب
ريم عثمان

هل كان المقال مفيدًا

كلا

وسط

نعم