فقدان أحد الوالدين في الحرب حدث كبير يغيّر شكل الحياة داخل الأسرة. لا يتأثر الطفل وحده، بل يتأثّر الشريك أيضًا، ويجد نفسه أمام مسؤولية مزدوجة: أن يتعامل مع حزنه، وأن يساند الطفل لفهم ما جرى وتجاوز آثاره. في حال كنتم من هؤلاء الشركاء الذين تعرّضوا لمثل هذه الخسارة، فأنتم لستم وحدكم، نعلَم مقدار الألم الذي تشعرون به، والمسؤوليّة والخوف الذي يحيط بكم. وفي حال كنتم من المقرّبين منهم، نقدّم لكم عبر هذا المقال لمحة عمّا قد يتعرّضون له وكيف نستطيع دعمهم بدورنا.
1. الصدمة والحزن المركّب
الفقد مؤلم، فكيف إذا كان الشريك مسؤولًا عن طفل، حينها يصبح الحزن مركّبًا. فهو لا يحزن فقط على الشخص الذي فقده، بل يضطرّ أحيانًا لكبت بعض حزنه ليعتني بطفله، ويمنحه الأمان.
وهذا الحمل النفسي قد يؤدّي إلى:
- اضطرابات نوم
- نوبات بكاء متقطّعة
- شعور بالذنب
- أو حتى خدر عاطفي
أحيانًا قد يتمّ التعامل بشكل خاطئ مع هذا الحزن من خلال: إهمال النفس، الإفراط في التدخين، شرب الكحول، استخدام المواد المخدرة...
2. الإحساس بالوحدة والمسؤولية المضاعفة
الشريك الباقي قد يشعر أنّه فجأة أصبح "الأب والأم" في آن. المهام اليومية، والقرارات، وتربية الطفل، وإدارة الأمور المالية، كلّها تقع على عاتقه وحده، ممّا قد يولّد ضغطًا كبيرًا عليه، بخاصّة إذا لم يتوفّر شخص مقرّب يدعمه ويسانده.
3. صعوبات في التواصل مع الطفل
في بعض الأحيان، يَصعُب على الشريك أن يُبقي تواصله مع الطفل عاديًّا، بخاصّة إذا كان الطفل يُذكّره يوميًا بمن رحل، وبحجم المسؤوليات.
فأحيانًا قد يشعر بالتردّد بين الحزم والحنان ممّا يسبّب ارتباكًا لديه ولدى الطفل في آن.
وأحيانًا قد يتحوّل التواصل مع الطفل الى نوع من الحماية المفرطة أو "الدلع" المفرط مع إزالة الضوابط بهدف التخفيف عن الطفل.
4. تغيّر في العلاقة بالذات
يفقد الشريك الباقي جزءًا من هويّته... ليس فقط "زوج/زوجة"، بل صديق، سند، رفيق حياة.
وقد تبدأ تساؤلات مثل:
- "هل أستطيع الاستمرار؟"
- "هل سأكون كافيًا لطفلي؟"
5. الشعور بالحاجة إلى مَن يُسانده هو أيضًا
غالبًا ما يُتوقّع من الشريك أن يكون "القويّ" و"الداعم"، لكن الحقيقة أنّه أيضًا في حاجة إلى احتواء ودعم نفسي واجتماعي. الصمت الطويل، ومحاولة تحمّل كلّ شيء وحده، قد يؤدّي إلى إنهاك داخلي أو حتى أعراض اكتئاب.
كيف يمكن مساندة الشريك الباقي؟
- توفير وقت ومساحة له للحزن والتعبير
- إشراكه في مجموعات دعم، أو إقناعه بالحصول على دعم نفسي متخصّص
- تخفيف الضغط عنه في المهام اليومية إن أمكن
- تشجيعه على الراحة والاهتمام بصحّته
- تشجيعه على المشاركة في الأنشطة الترفيهية والرياضية الشخصية بعيدًا عن الشعور بالذنب
- تذكيره بأنّه ليس وحيدًا في هذه المسؤولية، حتى لو أحسّ بعكس ذلك
الشريك الباقي لا ينجو فقط من الحرب، بل عليه مواصلة الحياة في غياب شخص أساسي في حياته. ويكون ذلك أصعب بخاصّة إذا كان الفقيد شريكًا حقيقيًا يتحمّل مسؤولياته. لذلك فإنّ دعمه نفسيًا وعاطفيًا هو جزء أساسي من دعم الطفل أيضًا، لأنّ الطفل يتعلّم التوازن من الراشد القريب منه.