Instagram Facebook YouTube

كيف يقدّم المقرّبون الدعم للطفل بعد فقدانه أحد والديه في الحرب، وللزوج الباقي؟

عندما تفقد أسرةٌ أحدَ الوالدين في الحرب، تبدأ مرحلة طويلة من التأقلم والتعامل مع الغياب.

في هذه المرحلة، لا تكون الأسرة وحدها. وجود المقرّبين – الأهل، الأصدقاء، الجيران – يمكن أن يكون مصدرًا أساسيًا للدعم، بشرط أن يكون هذا الدعم واعيًا، ومتوازنًا، ومحترِمًا لخصوصية الحزن.

في هذا المقال، نوضح كيف يمكن للمقرّبين أن يقدّموا المساندة بشكل فعّال، من دون ضغط أو تدخّل زائد، وبما يساعد على التعافي.

 

أوّلًا: الحضور أهمّ من الكلمات

في لحظات الحزن، لا تحتاج الأسرة إلى من "يقول كلامًا كبيرًا"، بل إلى من يكون موجودًا. في أحيان كثيرة قد نعجز عن التعبير، أو قول الكلمات المناسبة، وهذا طبيعي إذ قد لا نعرف صياغة تعابير في مثل هذه المحنة، والآخر لا ينتظر منّا جهدًا جبّارًا، أو نصوص تعزية. الاطمئنان والسؤال والتواجد بقربه أفضل ما يمكن أن نفعله.

  • الزيارة القصيرة
  • الاتصال للاطمئنان

ثانيًا: احترام خصوصية الحزن

ليس دور المقرّبين تقديم تفسيرات أو نصائح تربوية أو دينية فورًا.

  • لا نُقارن الفقد بفقدٍ آخر
  • لا نفرض على الطفل أن يتوقّف عن البكاء
  • لا نطلب من الأم أو الأب "أن يكونوا أقوياء دائمًا"

الصمت المتفهّم، والتعاطف البسيط، كافيان في هذه المرحلة.

 

ثالثًا: دعم الزوج/الوالد الباقي بطريقة واقعية

الزوج الذي بقي يواجه مسؤولية كبيرة، ويحتاج إلى دعم عملي وليس فقط عاطفي. يمكن أن نساعده بـ:

  • الاعتناء بالطفل لبعض الوقت
  • المساعدة في توصيل الطفل للمدرسة
  • توفير وقت فراغ بسيط له ليلتقط أنفاسه
  • أو حتى فقط الجلوس معه من دون حديث، إن أحبّ ذلك

 كلّ هذه الأمور تعني الكثير في وقت قد يشعر فيه الشريك أنّ التفاصيل اليومية مستحيلة الإنجاز.

 

رابعًا: الاهتمام بالطفل من دون استجواب

عند التعامل مع الطفل:

  • لا نسأله كثيرًا "شو حاسس؟"
  • لا نُكرّر الحديث عن الوفاة
  • لا نقول له: "هل تشتاق إلى والدك؟" بصيغة مباشرة

الأفضل أنّ نعامله بشكل طبيعي، نلعب معه، نُشعره بالأمان، ونُظهر له أنّ الحياة مستمرّة وفيها من يهتمّ فيه. عندما يشعر بالأمان، قد يتشجّع أن يحدّثنا عن مشاعره وما يمرّ به.

 

خامسًا: تقديم المساعدة من دون إحراج

عندما نرغب في تقديم دعم مادي أو خدمة، نُراعي ألّا نضع العائلة في موقف حرج.

  • نُقدّم العرض بلُطف: "إذا احتجتوا شي، أنا موجود"
  • أو نُبادر مباشرة بخدمة (مثل دفع فاتورة، أو شراء أغراض) من دون انتظار طلب مباشر

 

سادسًا: الاستمرار بعد الأيام الأولى

غالبًا ما يكثر الدعم في الأيام الأولى، ثم يختفي تدريجيًا. لكن الألم لا ينتهي بسرعة. الطفل قد يسأل بعد شهرين، والزوج/الوالد قد ينهار بعد أسابيع. الدعم المستمر – حتى بصورة بسيطة – يُحدث فرقًا كبيرًا.

 

سابعًا: تجنّب التدخّل المفرط في حياة وعادات الأسرة

غالبًا ما يبدأ الأقارب بفرض رؤيتهم وأسلوبهم في طرق العيش والعادات اليومية وفي تربية الأطفال والتعامل معهم. هذا الأمر يُحرِج الوالد المتبقّي وقد يزعج الطفل أو يشكّل له الأذى النفسي أو التربوي. من الأفضل أن يحاول مقدِّمو المساعدة فهم القواعد المتبعة في هذه الأسرة والعمل على المحافظة على سيرها كالمعتاد إلى أن يتوازن الوالد المتبقّي ويعمل على تعديل هذه القواعد إذا تطلّب الأمر ذلك.

 

لا يُطلب من المقرّبين أن "يُصلحوا" ما حدث، فهذا غير ممكن. لكنّ وجودهم، بتفهّمهم ووعيهم، يخفف من ثقل المرحلة، ويساعد الأسرة على الوقوف من جديد. الدعم لا يجب أن يكون بالضرورة كبيرًا... المهم أن يكون صادقًا، مستمرًّا، ومحترِمًا للمساحة الشخصية.

 

الكاتب
ريم عثمان

هل كان المقال مفيدًا

كلا

وسط

نعم